ما هي نظرية بناء المعنى (2)

صورة تعبيرية

 

صورة تعبيرية

 

إعداد: علمني الصحافة_ديمة الحاج

 

نكمل الجزء الثاني عن تفسير نظرية “بناء المعنى”.

منظم النظرية “جورج هربرت ميد” رأى أن المقدرة على الاتصال بالآخرين تعتبر مفتاحاً لأفكار الفرد، ويستطيع أن يتعلم أيضاً كيف يتوقع تصرفات الآخرين وما سوف يعتبرونه سلوكاً مقبولاً اجتماعياً.

 

ويرى “وولتر ليبمان”  أن الناس يتصرفون ليس على أساس ما يحدث أو ما قد وقع فعلاً، ولكن على أساس ما يعتقدون انه الموقف الحقيقي، وهذا الموقف حصلوا عليه من الصور التي نقلتها لهم الصحف، وهي معانٍ وتفسيرات ليس لها في الغالب سوى نصيب محدود مما حدث فعلاً، وهذا من الممكن أن يؤدي إلى سلوك لا علاقة له بحقيقة ما يجري في الواقع الحقيقي.

على سبيل المثال: هل تعرف ماذا يحدث في سوريا، في أفغانستان، أو اليمن وغيرها، نحن لا نعرف سوى ما نقرأ ونشاهد في وسائل الإعلام بناء على هذا نشكل رأي تجاه ما يحدث حيت تشكل وسائل الاعلام مرجعيتنا الثقافية التي نستند عليها في آرائنا، مثلا نسأل عربي ما رأيه تجاه ما يحدث في فلسطين…والخ.

أيضا مشكلة سوء الفهم يمكن أن تنتج عن اختلاف معاني الكلمات بين الناس حسب خبراتهم وتجاربهم ومدلول كل كلمة بالنسبة لهم. حيث تركز نظرية بناء المعنى على صعوبة شرح الجملة للجميع بنفس المعنى إذ كلا منهم سيفهمها حسب خلفيته الثقافية وبيئته.

مثال على ذلك: في المغرب كلمة “خدام” تعني موظف، بينما في مصروبلاد الشام تعني خادم من الخدمة.

وفي اللهجة المصرية كلمة “جدع” تعني الشخص الجيد الطيب الشجاع، بينما بلغة الأوردو الباكستانية معناها حمار.

ومن الطريف بأن “الله يعافيك” تعني في المغرب إن شاء الله تموت!.

وأدرك ادوارد سايبر “أن لغات الجماعات لا تختلف فقط عن بعضها البعض بل إن فهم الجماعات للعوالم المادية والاجتماعية حولهم يختلف أيضا من جماعة لأخرى وموضحا أن الشعوب التي تستخدم لغات مختلفة كانت بالفعل تشعر بواقع اجتماعي مختلف عن غيرها من الشعوب”.

إذن النسبية الثقافية هو الرأي القائل بأن النظم الأخلاقية التي تختلف من ثقافة إلى أخرى، وكلها صالحة الى حد ما، ولذلك فإن كل حكم عن الخطأ والصواب هو نتاج المجتمع، لهذا يساعدنا المنظور الثقافي على فهم لماذا تعتبر بعض الإجراءات صحيحة أو خاطئة من قبل ثقافة معينة.

على سبيل المثال:  يعتبر المجتمع القديم صباغة الشعر الأحمر جريمة يعاقب عليها القانون… إذا كان يعتبرالشعر الأحمر علامة على العاهرات، فإننا نفهم أنه لم يكن لون الشعر نفسه، ولكن الدعارة وكان الشعر الأحمر مدلول عليها تعتبر “خاطئة”. بينما يعتبر الشعر الأحمر في عصرنا صيحة من صيحات الموضة الجريئة والجميلة.

أيضاً من غير الممكن أن أقول إن تضحية الإنسان بنفسه  هو “خطأ” أو “صح” أو أن احترام المسنين هو “حق”. فهم نتاج ثقافة تختلف من شعب لآخر.

ختاماً أعتقد بأن هذه النظرية تجعلنا نفكر ملياً في كل الاحكام المسبقة التي أطلقها العديد على الأديان والمذاهب الآخرى، أو الشعوب المختلفة، ونظرته السلبية تجاه أي منهم، لأن المرء هو نتاج لبيئته الثقافية فما تعتبره صحيح يعتبره غيرك خطأ وما تعتبره خطأ يعتبره غيرك صحيح، لهذا أدعو نفسي والجميع في إزالة الصورة النمطية على الآخرين قدر الإمكان وتقبل الآخرين كما هم دون أن يحولوك لشخص آخر أو تفرض عليهم التغيير، حيث تساعدنا هذه النظرية في فهم لماذا تتصرف الشعوب على هذا النحو بناء على ثقافتهم.

 

أضف تعليق