كيف يضلل الاعلام الجمهور بتطبيق سياسة الإلهاء وتحويل الضحية لمتهم!

بقلم: ديمة الحاج يوسف

لا تقتصر سياسة التضليل على مشاهدة فستان تلك الفنانه، أو العلاقات الغرامية لذلك المغني، أو كيف تحولت تلك الفتاة لقرد بعد إلحادها، أو كيف ستنذهل حين تشاهد حبة البطاطا مكتوب عليها “لا إله إلا الله”، أو كيف يشيطن الاعلام فئة دون أخرى ويزرع الخوف في قلوب المشاهدين لتتمسك بالديكتاتور الذي لديها وترضخ لأمر الواقع، أو كيف يتم تضليل الجماهير بالحملات الانتخابية للمرشحين للفوز في الأصوات، وترسيخ الصورة النمطية المضلله ضد المسلمين في الغرب، وكيف يروج الفكر الصهيوني دعايته ضد الفلسطينيين.

مفهوم التضليل الإعلامي كمخطط تلجأ إليه الحكومات لحشد الرأي العام حيال قضايا بعينها، أو تشكيل الوعي المجتمعي نحو توجه معين يخدم مصالح تلك الحكومات، ليس وليد اليوم، بل هو إستراتيجية قديمة متجددة.

هناك العديد من الأساليب المتبعه في خداع الجماهير يستخدمها الإعلام للتاثير على العقول مثل “تحفيز مشاعر الخوف حيث يعتبر بث الخوف من أنجع الوسائل المتبعه لإخضاع الشعب، أيضا تزييف الحقائق وفقا لرغباتهم، تكرار الرسائل بشكل مكثف مثلا حين استخدم جورج بوش الإبن كلمة الإرهاب والحرب على الإرهاب مئات المرات ليبث الخوف ضد المسلمين.

بالإضافة لتقليل من الجرعات الفكرية والعليمة لصالح الترفيه والمرح، من منا لا يتذكر حين كان التلفزيون وسيلة تثقيف ووعي ويهتم بالعائلة والتربية، أكبر دليل هي البرامج الهادفه التي أنتجت في الثمانينات والتسعينات مثل برنامج العلم والإيمان، برنامج بنك المعلومات، سين جيم، برنامج الفن السابع، وغيرها الكثير أما في الوقت الحالي تجد التلفزيون يعج بمقابلات مع فاشنيستات وفنانين، وتحتشد الأغاني الهابطة والبرامج السخيفة.

ويخبرنا نعوم تشومسكي بعشر إستراتيجيات للتحكم في الشعوب، وهي استراتيجية الإلهاء (وسنشرحها بشكل منفصل)،

استراتيجية اخلق المشكلة ووفر الحل مثل (أن تتعمد الدولة بإطلاق سراح المجرمين ثم تبدأ بحل تبعات خروجهم، قطع الإنترنت الكهرباء الماء ثم تتوقف عن ذلك، أو إطلاق صاروخ على عدو وهمي دون إحداث ضرر، طرد سفير، تحويل متحف لمسجد، ليظهر بمظهر المنتصر منقذ الشعب بالرغم هو من اختلق المشكلة).

استراتيجية التدرج مثل فرض الضرائب بالتدريج هكذا بغضون عشر سنوات يصبح غلاء المعيشة لا يطاق دون أن يشعر المواطن كيف أصبح مدين للبنوك بعدد من القروض لتأمين احتياجاته الحياتية.

 

 

التأجيل، بإيهام الشعوب بتنفيذ قرارا مجحفا بالمستقبل وليس في الوقت الحاضر مما يؤدي إلى تخديرهم ونسيان الأمر.

استراتيجية خاطب العامة بإعتبارهم اطفال وكأن المتحدثين (رجال السلطة) هم الأوصياء على الشعب، خصوصا بعض الديكتاتوريين يستخدمون بخطاباتهم كلمة يا أبنائي، تكريس للسلطة الأبوية.

استخدام الجانب العاطفي لتلاعب بعاطفة الجمهور وغياب المنطق والحقائق، لترسيخ وخلق المخاوف والقلق والحض على القيام بسلوكيات معينة.

إبقاء العامة في حالة من الجهل والغباء، “يجب أن تكون جودة التعليم المقدم للطبقات الدّنيا، رديئة بشكل يعمق الفجوة بين تلك الطبقات والطبقات الراقية التي تمثل صفوة المجتمع” من كتاب الأسلحة الصامتة لخوض حروب هادئة”

تشجيع العامة على الرضا بجهلهم، مثلا إستخدام الخطاب الديني من قبل وعاظ السلاطين، لتجويع الشعب وزيادة فقره، مثل الفقراء يحبون الله، إن الدنيا دار ابتلاء والراحه المؤمن فقط في الآخره يجد السعادة، وأن الحاكم لا يحاسب وإلا حدثت فتنة كبيرة! بالرغم أن الأديان جاءت للثورة على الظلم وضمان حياة كريمة للمجتمع وهناك مئات الأدلة القرآنية ومن السير النبوية التي تنفي الإدعاءات السابقة.

 تحويل التمرد إلى شعور ذاتي بالذنب، أي لا يوجد داع للثورة بل عليك ان تثور على نفسك المليئة بالمعاصي والأخطاء.

معرفة الأشخاص أكثر مما يعرفون أنفسهم. وهذا نظام الوصاية التي يتخذها الديكتاتوريين من قبل الإعلام.

* استراتيجية الالهاء:

 “حافظوا على تحويل انتباه الرأي العام بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية والتركيز على مسائل تافهة لا أهمية لها. أبقُوا الجمهور مشغولا، دون أن يكون لديه أي وقت للتفكير، فقط عليه العودة إلى المزرعة مع غيره من الحيوانات الأخرى.” مقتطف من “أسلحة صامتة من أجل خوض حروب هادئة”.

ويقول “تشومسكي” أن عنصرًا أساسيًا في التحكم الاجتماعي هو إلهاء انتباه العامة للقضايا والتغييرات الاجتماعية الهامة التي تحددها النخب السياسية والاقتصادية، من خلال تصدير كم كبير من الإلهاءات والمعلومات التافهة، وتتضمن تلك الاستراتيجة أيضا منع العامة من الاطلاع والمعرفة الأساسية بمجالات العلوم والاقتصاد وعلم النفس والعلوم البيولوجية

 على سبيل المثال تسليط الإعلام الضوء على “قضايا الشرف” في قتل النساء، قد تحاول التركيز من خلال المقابلات المستهدفه على التساؤل حول عذرية الفتاه ونوع الخطيئة التي ارتكبتها بدلا من التركيز على الجريمة البشعه في سفك دمها من قبل أهلها والقانون يكافئهم  بذريعة أنهم “ولي الدم”.

وإيقاع اللوم على الضحية مثلا في قضايا التحرش، يبدأ الإعلام يقول لباس الفتيات هو السبب، أو لماذا تبقى حتى وقت متأخر في الشارع! بدلا من محاسبة الجاني!.

قضايا اختلاسات وفساد في شركة أو وزارة المواصلات أدت إلى تدمير القطار المتهالك، قد يعالجها الإعلام من خلال ماذا كان يفعل حارس أو سائق محطة القطار وقت الحادثه وأن إهماله وتقصيره في عمله أدى إلى هذه الكارثة!.

 

28954379_1572944849485202_632345701671472840_o

 

يدرك الإعلام والمتحكمون بأجندته أن التحكم بالجموع اسهل من السيطرة على الفرد بذاته خاصة إذا كن مسلحا بالمعرفة والوعي، إن ثقافة القطيع وإستراتيجية الإلهاء يغذيها “قادة الرأي” وهم رجال الدين، لاعبين الرياضة، الفنانين وكل من له تاثير في السلوك والفكر المجتمعي دون سلطة ملموسة بل هي معنويه وأعمق تأثيرا…لأنه هكذا يتم قبول الكثير من السلوكيات الشاذة من خلال تبنيها من قبل الفنانين والمغنيين مما يؤدي لتحولها لثقافة مجتمعيه بالتدريج. 

مثل برنامج ستار أكاديمي كيف قوبل في المجتمعات العربية بالرفض والاستنكار ثم أصبح بالتدريج ثقافة مقبولة تدل على الانفتاح!.

ودعونا لا ننسى، ماذا فعل نظام العسكر في مصر في ثورة 25 يناير، حين دعا  المجلس العسكري لإجراء فحص العذرية على ناشطات شاركن في تظاهرة في ميدان التحرير، كوسيلة لإذلال الفتيات واهاليهم ومنعهن من المشاركة في الثورة! هل أصبح الهدف من المشاركة في الثورة التأكد من عذرية الفتيات أم إسقاط نظام مبارك!

ختاما حلقة برنامج البرنامج لباسم يوسف تعتبر أكبر مثال واضح كيف يتم تضليل الجمهور تؤدي إلى عدم محاسبة المذنب وكسب المكاسب الكبرى وضياع حق الضحية!.

 

 

 

 

 

مصادر مفيدة متعلقة بالمقالة:

  1. Top 10 Propaganda Methods Used Today

  2. . 10 إستراتيجيات للتحكم في الشعوب يخبرها لك نعوم تشومسكي، ساسة بوست

  3. السيطرة على الجمهور تبدأ بمعرفته: 5 كتب حاولت فهم الجمهور وسيطرة الإعلام عليه، ساسة بوست

  4. . رواية 1984 ورواية مزرعة الحيوان لجورج أورويل

 

أضف تعليق